📁 آخر الأخبار

نظام ولاية العهد وأثره على مستقبل الدولة الاموية فى الشرق

نظام ولاية العهد فى الدولة الاموية فى الشرق

لم يشأ النبى (صلى) أن يقيد المسلمين في اختيار خليفتهم بنظـام إن وافقهم في زمن فقد لا يوافقهم في زمن آخر ، واختار المسلمون لهذا بعـد-النبي( صلى) 
أبا بكر وهو من غير بني هاشم ، وإن كانوا قد وضعوا مبدأ أن تكون الخلافة في قريش وولى الخلافة بعد أبي بكرعمر بن الخطـاب بعهد منه ، وعندما طعن رضوان الله عليه وطالبه المسلمون بأن يختار من يلي الأمر بعده كره أن يستخلف ابنه عبد الله ، الذي كان موضـع تقـدير المسلمين والى إلا أن يجعل الأمر شورى في سنة سبق أن زكاهم الرسول(صلى) باخباره عنهم أنهم من أهل الجنة فاختاروا من بينهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، الذي تترجت به الأمور من سيء إلى أسوأ حتـى استشهد.

نظام ولاية العهد وأثره على مستقبل الدولة الاموية فى الشرق
نظام ولاية العهد فى الدولة الاموية فى الشرق

وقامت خلافة علي رضي الله عنه الذي لم يصف له الأمر يوما واحدا ، وكان من شروط الصلح بين الحسن ومعاوية على أصح الروايات أن يترك تعيين من يخلف معاوية شوري بين المسلمين يولون عليهم من أحمر ولايته وكان هناك نفر يرجوا كل واحد منهم الخلافة لنفـسه ويرجوها له غيره ، وكان معاوية يحس منهم ذلك فتوقع من تلك الناحية خطرا يهدد عرى الوحدة التي بذل من أجل عودتها ما بذل من نفس ونفيس فأعمل فكره لإيقاف تيار الفتنة خاصة بعد أن ضاعت أمال المتطلعين للخلاقة وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهما ومااذيع من وصيته من اخيه الحسن وهو على فراش الموت بعدم الاستشراف لهذا الأمر.

تابع القرائة ايضا: تاريخ الدولة الاموية فى الشرق- الدولة الاموية (فى الشرق41-132هـ /661-750م)

ألقى معاوية نظرة إلى الماضي القريب فوجد أن كلا من الخلفاء قبله قد سلك في تعيين خلفه طريق الاجتهاد وإعمال الرأي لعدم وجود نص بتقيد به المسلمون في هذا الباب ، ووجد معاوية نفسه ليس أقل منهم مقدرة على سلوك هذا الطريق ، فرأى أن خير الطرق لحسم النزاع المتوقـع هـو أن يعين شخصا من بعده لولاية أمر المسلمين ، وكان يرى بعد أن حدث من احن ملأت القلوب أنه لابد للخليفة من عصبية تحمي ظهره وتدعم سلطانه، ولم تكن تلك العصبية آنذاك متوفرة في غير بني أمية الذين مـا كـانوا ليرضوا بخروج الخلافة عنهم ، ولما كان المتطلعون للخلافـة مـن بـين هؤلاء كثيرين فقد خشي معاوية أن يكيد بعضهم لبعض فتذهب ريحهم فعمد إلى أن يعين من بينهم رجلا يقوم بأمر المسلمين ، ولما كان معاوية قد نقل عن الروم والفرس بعض نظمهم الإدارية فقد نقل عنهم كذلك نظام الملـك الوراثي قطعا لما هو متوقع بعد وفاة الخليفة من تفرق وانقسام 


ولما كان بخشي معاوية معارضة الرأي العام لما ينويه فقد أسر إلى ولاته بالترويج لذلك وإرسال الوقود بالمطالبة بعقد البيعة بولاية العهد لابنه يزيد ، فأرسل معاوية المغيرة بن شعبة إلى الكوفة كي يتحدث في بيعة يزيـد ويحبب الناس في هذا الأمر فبايع أنصار الأمويين يزيد ثم أوفد المغيرة عشرة منهم إلى معاوية فزينوا له البيعة ليزيد وطلبوا منه أن يعهد إليه ، وبذلك قوى عزم معاوية على البيعة لابنه فأرسل إلى زياد بن أبيه فنصح لمعاوية أن يتريث هذا الأمر لأنه كان يرى أن يزيد غير جدير بالخلافة فهو يقول عنه لرسوله الذي أوفده إلى معاوية ، ويزيد صاحب لهو وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد.


قدم رسول زياد إلى معاوية ، فأبلغه أن زيادا يرى التؤدة والتروي في الأمر وإذا كان هذا رأي زياد وهو أعظم ولاة الأمويين إخلاصـا فمـاذا يكون رأي ابن الزبير وهو من أعظم المناوءيين لبني أمية عـداء ، فلما مات زياد أرسل معاوية إلى مروان بن الحكم عامله على المدينة يقول لـه"إني قد كبرت سني ورق عظمي وخشيت الاختلاف على الأمة من بعـديوقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورةمن عندك فأعرض ذلك عليهم وأعلمني بموقفهم عرض مروان الأمر على الناس فقبلوه فأخبر معاوية بمـوافقتهم ثـم أرسل معاوية إلى مروان كتابا يقول فيه إنه عول على أخذ البيعـة لابنـه فقرأه على الناس في المسجد فهاج الناس وماجوا


فقال عبد الرحمن بن أبي بكر بالخيار أردتم لأمة محمد ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقليه ، كلمـا مات هرقل قام هرقل وقام الحسين بن علي فأنكر ذلك وفعل مثله عبـد الله ابن الزبير ومن ثم ظهر حزب المعارضة الذي أنكر البيعة ليزيد وعلي رأسه عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر والحسين بن علي فكتب مروان إلى معاوية بحالهم ومعارضتهم في البيعة وحينئذ أهتم معاوية وأخذ
يعمل على تنفيذ البيعة لابنه فكتب إلى عماله في الجهـات بنشـر البيعـة وطلب منه أن يرسلوا الوفود إليه من الأمصار فهرعت إليه وقد ألتف حول معاوية أتباعه ومؤيدوه وقد اتفق معاوية مع الضحاك بن قيس الفهري أن يتكلم في الوارد ويدعو إلى برية يزيد.

وهذه حيله دبرها معاوية ليعلن بيعة ابنه يزيد أمام هذه الوفـود فلمـا اجتمعت الوفود لديه تكلم فيهم فعظم الإسلام وحرمة الخلافة وذكر فضـل ابنه يزيد وعلمه بالسياسة وعرض بيعته ثم تكلم الضحاك فبين للناس أنـه ابد من وال بعد معاوية وتعرض لفضل الألفة وجمع الكلمة ثم أخـذ في وصف يزيد وإطرائة بما تخير من ضروب القول وطلب معاويـة توليتـه العهد بعده ثم تكلم عمرو بن سعيد الأشدق بمثل ذلك وغيره لمن أحضرهم معاوية لهذا الغرض وكان من ضمن الوفود الأحنف بن قيس فطلب منـه معاوية أن يظهر رأيه إذ قال ما تقول يا أبا بحر فقال نخـافكم إن صـدقنا ونخاف الله إن كذبنا وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليلـه ونـهـاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه فإن كنت تقصد بذلك رضا الله والأمة فلا تشاور فيه وإن كنت تعلم غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنـت صـائر إلـى الآخرة وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا لقد استعمل معاوية كل ضروب الحيل وألوان الدهاء فصـار يجـزل العطايا ويغدق النعم على الموالين ويداري ويترفق بالمباعدين والمخـالفين حتى أجابه أكثر الناس ونزلوا عن رأيه ورضوا بالبيعة لابنه ولقد لاقى في ذلك مشاق جامة سمع من القول ما لم يكن يتوقعه ، وقد ذكر مـرة لابـن الزبير بيعة يزيد فقال له الزبير " أنا أناديك ولا أناجيـك إن أخـاك مـن صدقك فانظر قبل أن تتقدم وتفكر قبل أن تقدم فأن النـاظر قبـل التقـدم والتفكر قبل التقدم ، فضحك معاوية وقال ثعلب رواغ تعلمـت أبـا بكـر الشجاعة عند الكبر .


وبعد أن بايع أهل الشام والعراق سار إلى الحجازفى الف فيألف فارس فلما دخل المدينة لأخذ البيعة لابنه قابله الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر ، فأساء لقائهم وقابلهم مقابلة جافة وتوعدهم إن هم لـم يبايعوا وعلمت بذلك السيدة عائشة رضي الله عنها فلما ذهب إليها معاوية ، تكلمت معه في شأن الحسين بن علي ومن معه من المعارضين وذكرت له أنه أساء إليهم وتوعدهم
فقال معاوية لها هم أعز من ذلـك ولكنـي بايعت لابني يزيد وبايعه غيرهم أفاترين أن أنقض بيعة قد تمت ، قالـت فأرفق بهم فإنهم يسيرون إلى ما تحب إن شاء الله فوعدها بذلك .


خرج القوم من المدينة إلى مكة وخرج معاوية أيضا فلما قابلهم بمكـة لاقاهم بوجه طلق يندي تهللا وبشرا وخاطبهم بكلام غير كلام المدينـة ، مديح وإطراء ولين في الكلام ، ثم أرسل للحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير فاجتمعوا وقالوا لابـن الزبير : أكفنا كلامه ، فقال ابن الزبير على ألا تخالفوني ، قالوا لك ذلك ، ثم أتوا معاوية فرحب بهم وقال لهم ، قد علمت سيرتي فـيكم وصـلتي بارحامكم وحملي ما كان منكم ويزيد أخوكم وابن عمكم وأردت أن تقدموه باسم الخلافة وتكونوا أنتم تعزلون وتأمرون وتجبون المال وتقسـمونه لا يعارضكم في شيء من ذلك فقال ابن الزبير لخيرك بين ثلاث خصـال ، قال أعرضهن : قال " تصنع كما صنع رسول الله (صلى ) قـبض ولـم يستخلف أحدا فارتضى الناس أبا بكر ، قال معاوية : ليس فيكم مثل أبـي بكر فإنه عهد إلى رجل من قاصية قريش ليس من بني أبيه فاستخلفه وإن شملت فاصنع كما صنع عمر جعل الأمر شوري في ستة نفر ليس فيهم أحد.

من ولده ولا بنى أبيه ، قال معاوية : هل عليكم غير هذا ؟ فقالوا لا قال : فإني أحببت أن أتقدم إليكم إنه قد اعذر من أنذر إني كنت أخطـب فـيكم فيقوم إلى القائم منكم فيكذبني على رؤوس الناس فأحمل ذلك فأصفح فإني قائم بمقالة ، فأقسم بالله لئن رد على أحد منكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه فلا يبقين رجـل إلا علـى نفسه ثم دعا صاحب حرسه بحضرتهم ، فقال أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف فإن ذهب رجل منهم يرد علـى كلمـة تصديق او تكذيب فليضرباه بسيفيهما ، ثم خرج وخرجوا معه حتى رقـى المنبر


" فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هؤلاء الرهط سـادة المسلمين وخيارهم لا يبرم أمر دونهم ولا يقضي أمر إلا على مشورتهم وإنهم قـد رضوا وبايعوا ليزيد فبايعوا على اسم الله فبايع الناس ثم انصرف إلـى
المدينة ولم يبايع هؤلاء النفر ، وقد قسا معاوية عليهم هذه القسوة العاتيـة وأظن أنه فعل ذلك حرصا منه على اجتماع الكلمة لابنه يزيد وإتمام البيعة له فلقى أولئك النفر بعض الناس فقالوا لهم : زعمتم أنكم لا تبـايعوا فلـم رضيتم وأعطيتم وبايعتم ؟ قالوا : والله ما فعلنا فقالوا : مـا مـنعكمم أن تردوا على الرجل قالوا : كادنا وخفنا القتل .

وهذا يدلنا على أن معاوية قسا عليهم فتمت له تلك البيعة وأن هؤلاء لم يبايعوا وقد انتقلت الخلافة بهذا العمل من شورية إلـى وراثيـة شـان أكاسرة الفرس وقياصرة الرومان.

والذي يتقده التاريخ من أمر هذه البيعة هوأنه اختار الخلافة من العدم ولده ، ولن يستطيع باحث أن ينفي عن معاوية أنه كان مع مقاصده السامية كان مدفوعا بعامل العطف فعمل على أن يترك لابنه ذلك التراث العظـوم ولو عدل عنه إلى غيره لما وجه إليه ما وجه من نقد وتجريح علـى أنـه عندما كانت المدينة المنورة حاضرة الدولة في عصر الراشدين وكانـت السيادة للعنصر العربي قام ذلك النظام الذي يتفق والطبيعة العربية ، فلمـا انتقلت إلى دمشق تأثر العرب بالبيئة الجديدة فغدت الخلافة وراثية ، بعين
الخليفة ولي عهده ويأخذ البيعة له من القادة ووجوه الناس في العاصمة وفي الأقاليم ، ولم يعد بعد هذا لحرية الرأي مجال في اختيار الخلفـاء ، وإنما أصبحت القوة وحدها هي التي تتحكم في تلك البيعـة ،

وأصـبحت ميراثا ينتقل من الأب إلى ولده أو من الأخ لأخيه ، وأضحى الحكم في بيت واحد لا يتعداه إلى سواه ولم يكتف بعض الخلفاء بولي عهد واحد فعهد إلى عدد يخلف بعضهم بعضا الخلافة.


Mohamed Apd elshafy
Mohamed Apd elshafy
مؤسس موقع "تاريخكوا اليوم " حيث اقدم من خلال الموقع إلى نشر المعرفة التقنية وجعلها متاحة لجمهور واسع من المهتمين بالعلوم الحديثة. تاريخكوا اليوم : | بوابتك للعلوم والتكنولوجيا |
تعليقات